* وفى قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ) ..
أولا : وصف الآيات بأنها بينات ، يدلّ على أن من عنده أدنى نظر يستطيع أن يبصر وجه الحق فى هذه الآيات البينة المشرقة ، وأن يهتدى بها ، ولا يجادل فيها ، أو يقف موقف الشك والعناد منها ..
وثانيا : أن هذا القول المنكر الذي قيل للنبىّ فيه : (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ) لم يقله إلا الذين لا يرجون لقاء الله ، ولا يؤمنون بالبعث .. فهم بهذا لا يبالون بأى حديث يحدثهم به عن الآخرة ، ويخرج بهم عما هم فيه من استمتاع بحياتهم الدنيا ، واستفراغ كل جهدهم فيها ..
وثالثا : قولهم : (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ) يكشف عن ضيقهم بالقرآن ، وما يحدّث به عن آلهتهم ، وبما يسفّه فيه من أحلامهم ، ويفضح من ضلالاتهم .. فهم يريدون قرآنا يبقى على معتقداتهم ، ويزكّى عاداتهم ، ويحتفظ للسادة منهم بأوضاعهم .. فإن لم يكن من الممكن أن يأتى الرسول بقرآن غير هذا القرآن ، فليبدل من أوضاعه ، وليغير من وجهه ، وليقمه على الوجه الذي يرضيهم ، ويلتقى مع أهوائهم .. وهنا يلتقون مع النبي ، يستجيبون له!
* وفى قوله تعالى : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي .. إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ .. إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
أولا : أن مسألة إتيان النبىّ بقرآن غير هذا القرآن ، أمر غير ممكن ، بل مستحيل عليه استحالة مطلقة .. لأنّ القرآن كلام الله ، منزل عليه وحيا من ربه .. فليس له ـ والأمر كذلك ـ سلطان يملك به عند الله أن ينزل عليه قرآنا غير هذا القرآن ..
وفى هذا ردّ ضمنى على المشركين بأن القرآن من عند الله ، وليس من عند