لذنوبنا ، وتكفير لسيئاتنا .. ولكنّهم حين دخلوا القرية أبوا إلا أن يغيّروا ويبدلوا فى هذا الأمر الذي أمرهم الله به ، ولم يدخلوها على تلك الصورة التي رسمها الله لهم ، ولم يكن ذلك بالذي يعنتهم أو يثقل عليهم ، ولكن هكذا الطباع اللئيمة ، والنفوس المريضة ، لا تقبل الخير ولو كان الهواء الذي تتنفسه وتعيش عليه .. إنها طباع أطفال ، تأبى إلّا الخلاف والشرود.
وفى قوله تعالى : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) وصف فاضح مخز لهؤلاء القوم ، فقد دمغهم الله بالظلم ، وأدخلهم مداخل الظالمين ، ولهذا جاء النظم القرآنى مصرحا بهم هكذا : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) ولم يقل : «فبدلوا» .. وقد أخذهم الله بظلمهم ، وعجّل لهم العذاب ، بأن أنزل عليهم رجزا من السماء ، أي لعنة ومقتا ، (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) بدلا ـ مما كان ينزل عليهم من المنّ والسلوى ، وما كان يظللهم من غمام.
فالسماء التي كانت تتنزل منها الرحمة عليهم ، هى السماء التي تصبّ عليهم البلاء والنقم .. والمراد بالسماء هنا الإشارة إلى متنزل الأقدار التي تنزل بالناس ، من خير وشر ، وأنها من مصدر عال متمكن ، يشرف على الوجود كله ، ويمسك به.
و (الْقَرْيَةَ) التي أمر بنو إسرائيل بالسّكن فيها لم يذكر القرآن اسمها ، ولم يبيّن صفتها ، ومع هذا ، فقد كانت معروفة لبنى إسرائيل ، مشارا لهم إليها هكذا : (هذِهِ الْقَرْيَةَ) .. وقد تكلف المفسرون البحث عنها ، واختلفوا فيها .. ونحن نحترم سكوت القرآن عنها ، وحسبها أنها قرية يسكن الناس فيها ، ويجدون مطالب الحياة ميسرة فى أرضها ، إذ لا متعلّق لاسم هذه القرية ، ولا لصفتها فيما أمر به بنو إسرائيل عند دخولها .. وغاية ما يمكن أن يقال فى