لموسى ما سأل فى قومه أن يكتب لهم فى الدنيا حسنة ، وفى الآخرة حسنة ، إذ كان قول الله لموسى : (عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) حكما عاما يقع على الناس جميعا ، ولا يتعلق بهذا الدعاء الذي دعا به موسى ربّه.
وفى هذا ما يدلّ على أن الله سبحانه لم يشمل بنى إسرائيل بتحقيق هذا الدعاء فيهم ، بل وضعهم جميعا تحت الحكم العام الذي يأخذ الله به عباده ، وهذا يعنى أن الله سبحانه وتعالى يعلم من هؤلاء القوم أنهم لن يستأهلوا هذه النعمة التي لو استجاب الله لموسى فيها ، لكانت بركة تحفّ بهم إلى يوم القيامة .. ذلك أن القوم قد مسّتهم لعنة الله قبل ذلك ، ونزل بهم غضبه ، فكان ذلك هو الثوب الذي يلبسونه ، وتلبسه أجيالهم المتتابعة أبد الدهر ..
وانظر .. إن الله سبحانه وتعالى استجاب لجميع أنبيائه فيما سألوه لأقوامهم من خير أو شر.
فهذا نوح عليهالسلام يدعو ربه بهلاك قومه : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٢٦ ـ ٢٦ : نوح). فيهلكهم الله بالطوفان.
وإبراهيم ـ عليهالسلام ـ يقول : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) فيكون جواب الله له : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (١٠٠ ـ ١٠١ : الصافات) ويقول : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ..) فيجىء حكم الله : (قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٣٦ : البقرة) وموسى عليهالسلام ، يدعو ربّه ليأخذ فرعون وملأه ، وهرون ـ عليهالسلام ـ يردد معه الدعاء : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ