فتخلصوا منها على هذا الوجه الغبي .. إنّها ـ كما علموا ـ أوزار ، وسيئات ، ومع هذا فقد صاغوا منها إلها يعبدونه!! فما أغبى غباءهم ، وما أضلّ ضلالهم. يسرقون ، ويتصدقون .. كالزانية تزنى وتتصدق!!
ولكن التوراة تحكى قصة هذا الحلىّ الذي أخذه بنو إسرائيل من المصريين ليلة خروجهم من مصر ـ تحكى هذه القصة على وجه غريب ، فتنسب هذا الفعل إلى الله ، وتجعله أمرا من عنده إلى بنى إسرائيل ، لينتقموا من المصريين بهذا الفعل الدنيء ، الذي تأباه النفس الكريمة ، فكيف يجوز أن يكون هذا أمرا من أمر الله ، ووصاة من وصاياه؟
تقول التوراة على لسان الرب :
«وأعطى نعمة لهذا الشعب فى عيون المصريين ، فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين ، بل تطلب كل امرأت من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابا تضعونها على بنيكم وبناتكم ، فتسلبون المصريين!!» (٣ : خروج).
وهكذا تبلغ الجرأة بالقوم على الله ، فيحرفوا كلمه عن مواضعه ، ويغيروا ويبدلوا فى كلماته ، حتى تستقيم مع أهوائهم المريضة ، وتجرى مع نزعاتهم الفاسدة ، وحتى ليضيفوا إلى الله كل إثم لهم ، ويجعلوا شريعته مغرسا لكل فسق منهم .. فهم إذا سرقوا غيرهم أو نهبوه كان ذلك عن أمر الله ، إذ أباح لهم دماء الناس وأموالهم .. حسب ما أدخلوه على التوراة من تحريف.
وفى قوله تعالى : (لَهُ خُوارٌ) أي صوت كصوت البقر .. وذلك أن «السامري» .. كان قبض قبضة من أثر الملك الذي كان يخاطب موسى ، ثم قذف بهذه القبضة على هذا العجل الذي صوره من الحلىّ الذي قذفه القوم فى النّار ، فإذا هو عجل له حياة ، وله خوار!!