المنعم ، وإذا هم يأتمرون فيما بينهم ، فيما كانوا قد طلبوه من موسى من قبل فردّهم عنه ، ونصح لهم .. فقد سألوا موسى حين رأوا قوما يعكفون على أصنام لهم ، أن يجعل لهم إلها كما لهؤلاء القوم آلهة .. فأجابهم موسى : (إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). ثم قال لهم : (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ؟).
فلما ذهب موسى لميقات ربّه ، انتهزوها فرصة ، فأخرجوا هذه الضلالات التي كانت تدور فى رءوسهم ، إلى واقع الحياة .. فصنعوا عجلا من ذهب على يد رجل منهم ، قد أعدّ نفسه لهذه الفعلة ، وأخذ لها وسائلها ، وقد ذكر القرآن الكريم اسمه فى موقف آخر فى قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ* فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) (٨٥ ـ ٨٦ : طه) .. فهذا الرجل هو «السامري» ، وقد فعل ما سنرى بعد.
وقوله تعالى : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) هو خبر عن تلك الفعلة النكراء التي كانت من هؤلاء القوم ..
وقد أضافهم الله إلى موسى هكذا : (قَوْمُ مُوسى) تذكيرا لهم بتلك الآيات التي أجراها الله على يديه ، تلك الآيات التي لم يكن لهم منها عبرة أو عظة .. وفى هذا توبيخ لهم ، واسترذال لعقولهم ، وأنه ما كان لقوم ينتسبون إلى موسى الذي جاءهم بهذا الخير الكثير ، وبتلك الآيات المشرقة ، أن يفعلوا هذا الفعل المنكر الذي فعلوه ..
وفى قوله تعالى : (مِنْ حُلِيِّهِمْ) إشارة إلى المادة التي صنع منها العجل ، وهى مما يتحلى به القوم ويتزينون ، وهو الذهب ، والفضة ونحوها.
وكان بنو إسرائيل عند خروجهم من مصر قد عملوا على أن يخفوا أمرهم على المصريين ، فتخيّروا يوم عيد من أعيادهم كانوا قد رصدوه لخروجهم من