«فو الذي نفسى بيده ، لو أن النّاس سلكوا شعبا ، وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار ، ولو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ..
اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار».
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا.!» وهكذا قرت عيون الأنصار ، وامتلأت قلوبهم سكينة وأمنا ، إذ عرفوا أن رسول الله لن يخلى مكانه من بينهم ، ولن يحرمهم هذا الخير الذي ساقه الله إليهم ، وأنهم هم أهل الرسول وأنصاره ، وأن بلدهم هى بلده وموطنه! وحسبهم هذا .. ولساعة من رسول الله بينهم خير لهم من الدنيا وما فيها.
وهكذا ، كان بيان الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، شفاء لما فى الصدور ، وجلاء للبصائر ، فسكنت الوساوس ، وقرّت العيون ، ولهجت الألسن بالحمد لله رب العالمين .. وهذا البيان الذي كشف به الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ما خفى على الناس أمره ، هو مصداق لقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) .. فإن من رحمة الله بعباده المؤمنين إذا طاف بهم طائف من الريب ـ جاءهم بما يكشف الطريق لهم إليه ، ويرفع عن بصائرهم ما تغشاها من شكوك وريب.
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ).
هو بيان لما ينبغى أن يكون عليه المسلمون جميعا ، إزاء كلّ ما يقول الرسول أو يعمل .. وهو الرضا المطلق ، والتسليم المطلق ، بكل ما يقضى به ، فهو ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ الأمين الذي ائتمنه الله على دين الله ، والقيّم الذي أقامه الله على عباد الله ، وأنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا ينطق عن