لرسول الله ، ولكنها كانت إشفاقا من أن يكون ذلك تحولا بمركز الدعوة الإسلامية من المدينة إلى مكة ، وعودة برسول الله إلى بلده الذي أخرج منه! حيث كان المؤلفة قلوبهم جميعا من مكة وما حولها ..
هذا هو الشعور الذي كان مستوليا على الأنصار فى مجموعهم ، وإن كان قد حمل عند بعضهم ممن نافقوا فى الإسلام ، كعبد الله بن أبىّ بن سلول ـ على غير هذا المحمل ، فكان اتهاما صريحا للرسول ، بتعصبه لقومه ، وميله إليهم ، وإيثارهم على الأنصار ، بعد أن دخلوا فى دين الله ، وآمنوا برسول الله ، وبعد أن دخل الناس فى دين الله أفواجا ، ولم يعد الأنصار وحدهم هم حماة هذا الدين وأنصاره ، كما يبدو ذلك فى ظاهر الحال.
ولهذا ، فقد دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأنصار إليه ، وجمعهم حوله ، واستخلصهم من بين المسلمين جميعا .. ثم خطبهم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ قائلا :
«يا معشر الأنصار!
ما قالة بلغتني عنكم ، وموجدة وجدتموها علىّ .. حتى لقد قلتم لقى رسول الله قومه!
«أوجدتم يا معشر الأنصار فى لعاعة من الدنيا (١) تألفت بها قوما ليسلموا ، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام.
«ا فلا ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير إلى رحالهم ، وترجعون أنتم برسول الله إلى رحالكم ..؟
__________________
(١) اللعاعة : الشيء القليل التافه.