أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) (٥٢)
____________________________________
التفسير : فى هذه الآيات يفضح الله أولئك المنافقين ومن فى حكمهم ، ممن تخلّفوا عن الجهاد فى غزوة «تبوك» التي جاءت الدعوة إليها عامة شاملة فى قوله تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) .. لأنها كانت غزوة ذات طابع خاص على ما سنرى :
فبعد أن فتح النبىّ مكة ، ودخل الناس فى دين الله أفواجا ، نظر إلى خارج الجزيرة العربية ، فرأى على حدودها من جهة الشام قبائل عربية قد أقامت علاقات بينها وبين دولة الروم ، كالعلاقة التي بين التابع والمتبوع .. ذلك أنه لكى يأمن الروم تسلل العرب إليهم ، أو مفاجأتهم بالغارات على قراهم وزروعهم ، أقاموا بعض القبائل العربية حرّاسا على تلك الحدود ، وضمّنوهم سلامة هذه الحدود من كل مغير ..
وكانت دولة الروم تنظر إلى الدعوة الإسلامية نظرة سياسية إلى جانب النظرة الدينية التي كانت تنظر بها إليها ، وترى فيها أنها دعوة تهدد المسيحية التي تدين بها.
وفى مجال النظرة السياسية ، رأى الروم أن الأمة العربية قد أصبحت بهذه الدعوة أمة واحدة ، بعد أن كانت قبائل متنازعة متقاتلة .. وهذا ما يجعل من العرب قوة يمكن أن تهدد الروم ، وتفتح طريق الحدود الذي أقامت من العرب حرّاسا عليه.
وقد تنبّه الروم إلى ذلك ، وأخذوا يعدّون العدّة له ، وجاءت الأنباء إلى النبىّ بذلك ، وأن الروم يريدون أن يستميلوا القبائل العربية المتاخمة لهم إلى