وهذا لا يكون من الإنسان ، إلا بنفس مجتمعة ، وعزيمة غير موزعة ، كما لا يكون من الجماعة المقاتلة إلا باجتماعهما جميعا ، واستحضار كل ما لديها من قوى مادية ومعنوية.
هذا ، وقد عدّ كثير من الفقهاء والمفسّرين قوله تعالى : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) ـ عدوّا ذلك أمرا يوجب على المسلمين ، قتال المشركين قتالا دائما متّصلا ، على أية حال يكون عليها المشركون إزاء المسلمين ، سواء أكانوا محاربين أم مسالمين .. واعتبروا هذه الآية ناسخة لكل ما جاء فى القرآن من آيات تدعو إلى مهادنة غير المسلمين ومسالمتهم ، إذا هم هادنوا المسلمين وسالموهم .. وسمّوا هذه الآية آية السيف ، التي نسخت قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (١٩٤ : البقرة) وقوله سبحانه : (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (١٩٤ : البقرة) وقوله سبحانه : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (١٩٠ : البقرة) إلى غير ذلك من الآيات التي تدعو المسلمين إلى القتال حين تقوم دواعيه ، وهى ردّ عدوان المعتدين ، أو الذين يقفون فى وجه الدعوة الإسلامية ، ويصدون الناس عنها ، أو يفتنونهم فيها .. أما فى غير هذا ، فلا قتال ولا عدوان.
وآية السيف هذه ـ كما يقول عنها القائلون ـ إنما هى دعوة للمؤمنين إلى جمع جماعتهم على أمر واحد فى المشركين ، وهو أن يعدّوهم جميعا جبهة معادية ، لا فرق بين مشرك ومشرك ، فكما أن كل مشرك هو حرب على الإسلام والمؤمنين به ، سواء كان ذلك بقلبه ، أو لسانه ، أو يده ، وسواء أكان فى جماعة أو منفردا ، فكذلك ينبغى أن يكون المؤمنون على تلك المشاعر ، وهذه المواقف إزاء المشركين .. إن الذي ينبغى أن يكون من المؤمنين هو أن