وما أشبهه ، هى مما يضلّ الناس ، ويفتنهم فى دينهم ، إذا كانوا مؤمنين ، أو يمسك بهم على الكفر والضلال إذا كانوا كافرين ضالين .. وهذا من شأنه ـ لو مضى إلى غايته ـ أن يذهب بنور الحق ، ويمحو معالم الهدى ، ويقيم الناس فى ضلال وعمى وظلام .. ثم إن هذه الأفواه ، هى التي تكيد للإسلام ، وتدس له ، وتسعى بقالة السوء فيه ..
ولكن الله سبحانه وتعالى بالغ أمره ، ومنجز وعده الذي وعده نبيّه فى قوله سبحانه : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٩ : الصف)
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى هنا : (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) .. فهذا وعد مؤكّد من الله سبحانه ، بأن يتمّ نوره ، أي دينه .. وأن يبلغ به غاية الكمال والتمام .. وذلك يكون ـ وهو كائن لا شك فيه ـ حين يصبح الإسلام دين الإنسانية كلّها ، يطلع عليها طلوع الشمس ، فيغمر نوره كل صقع ، ويتسرب شعاعه إلى كل قلب ..!
وانظر إلى قوله سبحانه. (وَيَأْبَى اللهُ) ، وإلى قوة الحقّ سبحانه وتعالى القائمة على نصرة دين الله ، والتي تأبى أن يقف فى وجه هذا الدين ما يحجب ضوءه ، أو يضلّ الناس عنه .. (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) وتمام النور وكماله ، هو فى أن يبسط سلطانه على الوجود الإنسانى كله .. (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) وذلك مما يسوء المشركين وأهل الضلال ، وإنه لا حساب لهم ، ولا لما يحلّ بهم من سوء .. فلترغم أنوفهم ، ولتأكل الحسرة قلوبهم!
وهذا المعنى الذي أخذناه من الآية الكريمة ، من إطلاق نور الله على الإسلام ، يشهد له قوله سبحانه فى سورة الصف : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ