مرض أو شيخوخة ، أو حرص على الديار والأموال ، أو إيثار للعافية والسلامة.
فما حكم هؤلاء المؤمنون؟ وما وضعهم فى المؤمنين من المهاجرين والأنصار؟ إنهم لا شكّ أعضاء فى هذا الجسد الإسلامى الجديد ، الذي تبرز سماته فى المهاجرين والأنصار. ولكن كان الإسلام فى دور البناء للمجتمع الإسلامى ، وكان من أجل هذا فى مسيس الحاجة إلى كل يد عاملة لدعم هذا البناء ، ورفع بنيانه ـ الأمر الذي جعل الهجرة إلى المدينة التي آوى إليها الرسول ، واتخذ منها مركزا لدعوته ، أمرا له قدره وأثره فى رفع درجة المؤمن ، وتشريفه بهذا المقام الكريم الذي أفرد الله سبحانه وتعالى به المهاجرين ، وجعل لهم وللأنصار ذكرا طيبا ، جاء به القرآن الكريم أكثر من موضع ..
من أجل هذا ، فإن الذين آمنوا ولم يهاجروا ـ لعلّة أو لأكثر ـ لم يكن حسابهم قائما على هذا التقدير الذي يسوّى بينهم وبين المهاجرين ، أو الأنصار .. إذ كان المهاجرون ، مؤمنين ، ومعهم مع إيمانهم هجرة ، وكان الأنصار مؤمنين ، ومعهم مع إيمانهم أنهم آووا ونصروا .. أما المؤمنون الذي حبستهم أعذارهم عن الهجرة ، فإنهم لم يضيفوا إلى إيمانهم شيئا مما فعله المهاجرون أو الأنصار .. فهم والحال كذلك ليسوا بالّذين يدخلون فى ذمّة المؤمنين فى هذه المرحلة من مراحل الدعوة الإسلامية ، بحيث يمنعونهم من عدوّهم ، ويدفعون عنهم ما يعرض لهم من ظلم وبغى ، وهم فى ديار الظالمين .. وحسب المهاجرين والأنصار فى هذه المرحلة من مسيرة الدعوة الإسلامية ـ حسبهم أن ينظروا لأنفسهم ، وأن يدفعوا البغي المتسلط عليهم.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) .. وفى هذا تخفيف عن الجماعة الإسلامية ، وإعفاء لها من حمل عبء فوق أعبائها ، وهو الدفاع عن الأفراد