واستعلنت مواقفهم ، وإذا هم جبهتان متقاتلتان ، وفريقان متخاصمان ، كل منهما يطلب الآخر ، ويقتضيه ما يقتضى الغريم من غريمه ..
وقد ذكرت الآيات السابقة مراحل هذا الصراع الذي كان قائما بين الفريقين ، وعرضت أحداث بدر وما وقع فيها ، وما أحرز المسلمون من نصر ، وما منى به المشركون من هزيمة ، ثم عرضت المغانم والأسرى وما قضى الله فيهما.
فكان من المناسب أن تختم السورة بهذه الآيات التي تخطط الحدود ، وترسم المواقع والمواقف التي يأخذها المؤمنون من الكافرين حتى يكونوا على بيّنة من أمرهم ، فيما يأخذون أو يدعون من الجبهة المقاتلة لهم.
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) .. هو بيان لحكم الجماعة الإسلامية فيما بينها ، فهم ـ المهاجرون والأنصار ـ جبهة واحدة ، وكيان واحد ، يجمعهم هذا النسب الكريم الذي انتسبوا له ، وهو الإسلام ، الذي يعلو كل نسب ، ويفضل كل قرابة.
فمن أجل الإسلام هاجر المهاجرون ، ومن أجل الإسلام جاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله. وفى سبيل الله آوى الأنصار المهاجرين وشاركوهم أموالهم وديارهم ، وفى سبيل الإسلام انتصروا لهم ونصروهم ..
فهؤلاء جميعا ـ من مهاجرين وأنصار ـ بعضهم أولياء بعض ، ينصر بعضهم بعضا ، ويحامى بعضهم عن بعض ، ولو حملهم ذلك على لقاء آبائهم وأبنائهم وقتالهم وقتلهم فى سبيل الله.
وهناك مؤمنون ، ولكنهم لم يهاجروا ، قد حبستهم قريش ، أو منعهم