وهذا الرأى الذي أجمع عليه المفسّرون قائم على أن هذه الآية منسوخة بالآية التي بعدها ، وهى قوله تعالى : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ..).
وسنعرض لقضية القول بالنسخ ، بعد هذا ..
والذي نراه ـ والله أعلم ـ أن هذا الشرط هو خبر فى مبناه ، ومعناه ، ومفاده .. وأن هذا الخبر قد جاء تعقيبا على أمر الله سبحانه وتعالى النبىّ ، بتحريض المؤمنين على القتال ، وإغرائهم به ، ليهوّن على المسلمين أمر القتال ، وليخفف عنهم بعض ما يقع فى نفوسهم من تكره له ، حين يرون قلّتهم وكثرة العدوّ المتربص بهم .. فإذا علموا أنّهم بإيمانهم بالله ، وبتأييد الله لهم ، أن الواحد منهم يغلب عشرة من الكافرين ، طمعوا فى أعدائهم ، واستقبلوا الدعوة إلى لقائهم ، على رجاء وأمل فى الظفر بهم.
وثانيا : لم كان وزن المؤمنين فى هذه الآية بحيث يغلب الواحد منهم عشرة من الكافرين .. ثم كان وزنهم فى الآية التي بعدها ، بحيث يغلب الواحد منهم اثنين من عدوّهم؟
يقول أكثر المفسّرين : إن ذلك كان والمسلمون قليلون ، وذلك فى أول الإسلام ، فكان فرضا عليهم أن يحملوا هذا العبء الثقيل ، وأن يقف الواحد منهم لعشرة من العدو ، ويتغلب عليهم .. فلما كثر المسلمون بعد هذا ، خفف الله عن المسلمين الأولين ما فرضه عليهم أول الإسلام ، فبدلا من أن يلقى الواحد منهم عشرة ويغلبهم ، أصبح المطلوب منه أن يصمد لاثنين فقط ويتغلب عليهم.!!