تنال من الإسلام منالا ، أو أن تحوّل مسلما واحدا عن دينه ، أو تفتنه فيه ، بل كان المسلم الأمّىّ الساذج ، يفحم بفطرته السليمة ، وبعقيدته السمحة الواضحة كلّ منطق ، ويخرس كل ذى لسان ، حتى يرفع بصره إلى السماء قائلا : «لا إله إلا الله».!
فإذا ادّعت حملة من حملات التبشير أنها استطاعت بحولها وحيلتها أن تخرج مسلما عن إسلامه ، فقد كذبت وافترت ، لتخدع أولئك الذين يمدونها بالمال ، كى يدوم لها هذا المدد. فإنها ـ وقد فاتها الكسب الديني ـ حريصة على ألا يفوتها الكسب المادىّ من هذا المال الذي يتدفق إليها فى سخاء من كل جهة ، وإنه لمال كثير ، أثرى به عدد وفير من أدعياء الدين ، الذين يتخذون التبشير تجارة لهم ، ودعاية للاستعمار ، وتمكينا للمستعمرين ..
نريد من هذا أن نقول : إن الإسلام بقوته الذاتية ، هو الذي حمى المسلمين فى ساعات العسرة ، وأمسك بهم على ضربات الزمن القاتلة ، وأمدهم بأمداد لا تنفد من القوى الروحية ، التي لم تنل منها يد التسلط والبغي ، ولم تنفذ إليها ضربات المتسلطين والباغين .. وإنه لو لا الإسلام لما بقي لمواطن المسلمين معلم من معالم الحياة ، يعرفون به مكانهم فى هذا التيه الذي رماهم الزمن به.
فالمسلمون ليسوا هم الذين وسعوا رقعة الإسلام ، ومكّنوا له فى الأرض ، ودفعوا به إلى كل أفق من آفاقها ، بل الإسلام نفسه هو الذي جعل للمسلمين دولة .. والإسلام نفسه هو الذي غذّى هذه الدولة بأسباب الحياة والنّماء .. والإسلام نفسه هو الذي كان الدرع الواقية والحصن الحصين لأهله ، يلوذون به ، ويستظلون بجناحه ، كلما لفحهم هجير الحياة ، وتعاوت حولهم الذئاب ..