تحت يده .. فما حلّ الاستعمار بأرض إلا أجدبت من كل خير ، وأصبحت مرعى خصبا لآفات الجهل والفقر والضعف .. ومع هذا كله ، ومع ما أصاب المسلمين من بلاء ، فقد بقي الإسلام فى قلوب أهله متمكنا قويّا ، لا يتحولون عنه أبدا ، ولو أخذوا بكل ألوان الضر والأذى ، فى أموالهم وأنفسهم ، أو جىء إليهم بكل مغريات الحياة من مال ونساء على يد المستعمرين والمبشرين ..
فتاريخ الاستعمار للدول الإسلامية ، يؤلف كتابا ضخما ، أسود الصفحات ، لما كان يأخذ به المستعمرون الأمم الإسلامية بصفة خاصة ، والعربية بصفة أخص ، من بغى وعدوان ، وتسلط قاهر ، على مقومات الحياة فى تلك الأمم ، وخاصة ما يتصل بالعقيدة الدينية ، وما تلقّاه عنها أهلها من لغة وعادات وتقاليد ، وذلك ليضعفوا الصّلات التي تصل المسلمين بدينهم ، وليوهنوا من الأسباب التي تربط بين جماعاتهم .. ومع هذا كله فقد بقي الإسلام متمكنا فى القلوب ، راسخا فى الضمائر ، مختلطا بالمشاعر ، لم يسلم للمسلمين شىء غيره ، مما كان لهم فى هذه الدنيا ، التي سلبهم الاستعمار إياها ، أو قتلها ، حيث لم يكن له حاجة فيها .. وكان الإسلام دائما هو القوة التي يستند إليها المسلمون ، كلّما خذلتهم قوى الحياة جميعا ، من علم ، ومال ، ورجال ..
وتاريخ التبشير فى المحيط الإسلامى يحدّث عن أكبر هزيمة ، وأعظم خيبة منى بها عمل من الأعمال ، أو أصيب بها حركة من الحركات ، أو انتهت إليها دعوة من الدّعوات.
فما استطاعت تلك الحملات التبشيرية التي رصدت لها دول أوربا وأمريكا الأموال الضخمة ، وجنّدت لها العقول الجبارة ـ ما استطاعت هذه الحملات أن