وعذاب؟ لقد كانت خطوات المسيح وخطوات أتباعه معه ، على طريق ملطخ بالدماء .. دمائه ودماء أتباعه وحدهم .. وليس قطرة دم مراقة من هؤلاء الذين أراقوا دماءهم ..
ولحكمة ما أراد الله سبحانه للمسيح أن يأخذ هذا الطريق ، وأن يحمل تلك الدعوة ، ويجرى تلك التجربة فى الحياة ..
إنها دعوة قاسية ، تسير فى اتجاه مضاد لسير الحياة .. وقد أرادها الله سبحانه هكذا ، لعنة من اللعنات التي صبّها على اليهود وأخذهم بها فى كل مرحلة من مراحل تاريخهم مع الأنبياء والرسل ..
فالمسيح ـ عليهالسلام ـ هو نبىّ إلى اليهود خاصة ، ودعوته مقصورة عليهم لا تتعداهم إلى غيرهم (١) .. وقد جاءهم المسيح بتلك الدعوة التي إن استقاموا عليها ، كان فيها إذلالهم ، وجعلهم موطئا لأقدام الناس .. وإن هم أبوا أن يقبلوها ، ويأخذوا أنفسهم بها كانوا كافرين بالله ، مأخوذين بما أعدّ الله للكافرين من خزى فى الدنيا عذاب مهين فى الآخرة ..
وقد أشرنا من قبل (٢) إلى أن الله قد أخذ اليهود بأحكام دينية ، غايتها تأديبهم وإعناتهم وإذلالهم ، لا إصلاحهم ، وتقويمهم .. فقد حرم عليهم العمل فى يوم السبت ، كما حرم عليهم ما أحل لغيرهم من طيبات الطعام .. وذلك مما لا تحتمله النفس ، أو تصبر عليه .. واليهودىّ من هذا بين أمرين : إما أن يمتثل أمر الله فيه فيهلك ، أو لا يمتثله فيكفر.!
__________________
(١) انظر فى هذا كتابنا «المسيح فى القرآن والتوراة والإنجيل».
(٢) انظر تفسير الآية : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ..) (١٤٦ : الأنعام).