أتباعه ، ومن أتباعه ، السلام ، والرحمة ، والبركة .. أما شريعته وأحكامه ، فكلها قائمة على اليسر والرحمة ، والسلام ، بين الإنسان ونفسه ، وبينه وبين الناس جميعا.
وحقّا إن الإسلام قد دعا أتباعه إلى الحذر من العدوّ ، والإعداد للحرب ، والأخذ بأسباب القوة .. وذلك لأن الإسلام دين واقعىّ ، يعايش الحياة فى أعدل أحوالها ، ويستقى من أعذب عيونها ، وأصفى مواردها ، وليس مجرّد أحكام ومقررات نظرية ، يتمثلها الناس ولا يحققونها ، ويتصورونها ولا يتعاملون بها ، أشبه بما يقع فى تصورات الفلاسفة وخيالات الشعراء ، إن سعد بها أصحابها فى أحلام يقظتهم ، فإنهم لم يمسكوا منها بشىء إذ هم فتحوا أعينهم على الحياة وواقعها.
والإسلام يريد لأتباعه يكونوا قوة عاملة فى الحياة ، وأن يعمروا الأرض ، ويبسطوا سلطانهم على القوى الكامنة فى الطبيعة ، ليحققوا قول الله تعالى لهم : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ..) ولن يكون ذلك إلا إذا أخذ المسلمون الحياة كما هى ، بواقعها ، وما يزخر فيها من خير وشر!
فليست الحياة إلا مزيجا من الخير والشر ، وليس الناس إلا عالما من الأخيار والأشرار .. ولن يسلم لإنسان وجوده ، ولن ينتظم لجماعة شأنها إلا بصحبة الحياة والناس على هذا المفهوم ، الذي يجمع الخير والشر ، ويقابل بين الأخيار والأشرار ..
فمن الحكمة ومن الواجب إذن ، أن يقيم الإسلام أتباعه فى الحياة على طريق بين الخير والشر .. وهم فى هذا الطريق مدعوون إلى التعامل مع الخير ، ثم هم فى الوقت نفسه مطالبون بتجنب الشر والأشرار ، وأخذ حذرهم منه ومنهم جميعا ..