الكافرين. وهى أنهم لا يحفظون عهدا ، ولا يرعون ذمة ، إذ لا وازع عندهم ، من دين أو خلق ..
وفى قوله تعالى : (عاهَدْتَ مِنْهُمْ) إشارة إلى أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم لم يدعهم إلى أن يعاهدهم بما عاهدوه عليه ، بل إنهم هم الذين جاءوا إلى النبي يعرضون عليه عهدهم بالأمان والموادعة بينهم وبينه ، وأن النبىّ صلوات الله وسلامه عليه أجابهم إلى ذلك ، وقبل منهم العهد الذي أعطوه ..
وفى نقضهم لهذا العهد الذي جاءوا هم به من تلقاء أنفسهم ، وأعطوه عن رضى واختيار ـ فى نقضهم لهذا العهد ، الذي هو فى الواقع عهدهم ، خيانة لأنفسهم ، فوق أنه خيانة للعهد من حيث هو عهد ، يجب الوفاء به على أي حال.
وفى قوله تعالى : (وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) بعد وصفهم بقوله سبحانه : (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) فى هذا إشارة إلى أنّهم متحللون من كل قيد يمسك بهم على خلق فاضل ، ويقيمهم على مبدأ كريم .. إنهم لا يتقون أي محظور تحظره الشرائع السماوية ، أو تجرّمه القوانين الوضيعة والمواضعات الخلقية.
والمراد بهؤلاء الذين ينقضون العهد الذي عاهدوا عليه الرسول ، هم جماعات اليهود الذين كانوا بالمدينة ، يثيرون الفتن ، ويذيعون المنكر ، ويحيكون الدسائس ، وينتهزون الفرصة المواتية لينالوا من النبي والمؤمنين ما يريدون من شر.
ثم إن هذا الحكم هو حكم عام ، يقيمه المسلمون دائما فيما بينهم وبين الكافرين ..