مع أن عدم الإيمان هو عين الكفر .. والسبب لا يكون عين المسبّب ، وإن كان نتيجة لازمة من لوازمه؟ ..
والجواب ـ والله أعلم ـ : أن كفر هؤلاء الكافرين الذين وصفوا بأنّهم شرّ الدّوابّ عند الله .. إنما يتلبس بنفوس خاصّة ، من جماعة من الكافرين ، لا بكلّ الكافرين .. وتلك الجماعة هى التي من شأنها ألا تخلع هذا الكفر أبدا ، بل تشدّ قلوبها عليه ، حتى تموت به! ومن هنا استحقت تلك الجماعة هذا الوصف الذي وصفها الله سبحانه وتعالى به ، وهى أنها شرّ ما دبّ على الأرض من كائنات ، وذلك لأنها لا تعقل كما يعقل الناس ، ولا تسمع كما يسمع الناس ، ولا تبصر كما يبصر الناس .. ثم هى ليست من دوابّ الحيوانات ، تعيش ، فى حدود الطبيعة المتاحة لتلك الدواب ، وإنما هى خلق آخر .. مزيج من الإنسان والحيوان .. وذلك مسخ للإنسان ، وللحيوان معا ، وبهذا المسخ يكون هؤلاء الآدميّون الحيوانيّون شرّ الدّواب ، طبيعة وخلقا.
فقوله تعالى : (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) حكم قاطع ، قاض على هذا الصنف من الكافرين بأنه لن يدخل الإيمان قلبه أبدا .. وهذا الصنف هو الذي ذكره الله سبحانه وتعالى فى قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ .. وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٦ ـ ٧ : البقرة).
وقوله تعالى : (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ).
هو بدل من الذين كفروا ، وهذا البدل يكشف عن صفة من صفات هؤلاء