الله ، هو فيما يبدو لم يكن عن تغيير لما فى أنفسهم من خير إلى شر ، ومن إيمان إلى كفر .. فهم أبدا على الشر ، وهم أبدا مع الكفر؟ فكيف هذا؟
والجواب : أن الظالمين ، والطغاة ، والمنحرفين عن طريق الحق ، والخير ، لا يظلّون على حال واحدة مما هم فيه ، بل إنّهم مع الشرّ الذي صحبوه ، لا يزدادون به مع الأيام إلّا شرّا .. ذلك أن الشرّ ينمو فى كيان صاحبه ، كما تنمو الحبّة فى الطين .. إلا أن يقتلع نبتة الشر من جذورها ، ويغرس فى نفسه نبتة الخير والإحسان ..
وعلى هذا ، فإن أهل السوء والضلال ، إذا أمسكوا بماهم عليه من سوء وضلال ازدادوا مع الأيام سوءا وضلالا ، وكانوا فى يومهم شرا من أمسهم ، وهم فى غدهم أكثر شرّا من يومهم ..!
وإذن ، فالمتوقّع ـ غالبا ـ من أهل البغي والضلال أن يقع منهم تغيير لما فى نفوسهم ، وهو تغيير إلى أسوأ ، إذا هم لم يراجعوا أنفسهم ، ويرجعوا عماهم فيه ، من بغى وضلال.
هذا ، وليس تغيير ما فى النفوس يكون دائما من خير إلى شر ، أو من شر إلى ما هو شرّ منه .. بل ما أكثر ما يكون التغيير على عكس هذا ، وهو التغيير من شر إلى خير ، ومن سيىء إلى حسن .. فكلا هذين التغييرين واقع فى الحياة ، حيث يصلح الفاسد ، ويفسد الصالح .. وهكذا تتغير مواقف الناس وتتبدل أحوالهم ..
والمطلوب من الإنسان أن ينشد التغيير الذي يبعده من الظلام ويدنيه من النور .. ففى ذلك رشده وصلاحه ، وسعادته .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (١١ : الرعد) فهذا قضاء الله فى عباده .. لا يغير ما بهم ، ولا يخرجهم عما هم فيه من نعمة وعافية ،