أمداد عونه ونصره ، وهم فى مواجهة العدوّ ، وفى ملتحم القتال معه ، وأنّهم إنما ينتصرون على أعدائهم بتلك الأمداد التي يمدّهم الله بها .. فإن نسوا هذا فليذكروا ما أنزل الله على عبده (يَوْمَ الْفُرْقانِ) أي يوم بدر ، حيث كان يوما فارقا بين الحق والباطل .. بين الإيمان والكفر .. (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) جمع المسلمين ، وجمع الكافرين .. فقد شهد المسلمون فى هذا اليوم كيف كانت أمداد السّماء تتنزل عليهم ، وكيف كانت آثار هذه الأمداد فى عدوّهم ، وفى دحره وهزيمته .. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لا يعجزه شىء ، فإن بيده ـ سبحانه وتعالى ـ مقاليد كل شىء : يعزّ من يشاء ويذل من يشاء ، وينصر من يشاء ، ويهزم من يشاء : (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) .. فالذى أنزله الله على عبده يوم الفرقان ، يوم التقى الجمعان ، هو هذا المدد السماوي من الملائكة .. وإيمان المسلمين بهذا المدد : هو التصديق بنزول الملائكة ومظاهرتهم لهم فى هذا اليوم. ، فهذا خبر جاء به القرآن يجب على كل مؤمن أن يؤمن به!
وقوله تعالى : (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً* لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ).
«إذ» ظرف متعلق بقوله تعالى : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) .. أي أن هذه الأمداد التي أمدّ الى بها «عبده» محمدا صلوات الله وسلامه عليه ، كانت فى ذلك الوقت الذي واجهتكم فيه قريش بقوتها العارمة ، تريد أن تضربكم الضربة القاضية .. وقد كنتم (بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا) أي على الجانب الأدنى من الوادي ، وهو الجانب الذي يلى المدينة ، على حين كان المشركون (بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) أي بالجانب الآخر من الوادي ، وهو الذي يلى مكة .. (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) أي العير التي كانت مع أبى سفيان ، وقد أفلت بها من يد المسلمين