وقد وقع فى نفس بعض المسلمين شىء من هذا ، بل ربّما كان ذلك من أقويائهم وضعفائهم على السواء .. حين نظر بعض الأقوياء فرأوا أن فى التسوية بينهم وبين الضعفاء فى الغنائم غبنا لهم من الجانب المادىّ ، الذي ربّما ينسحب على الأجر الأخروى .. على حين نظر الضعفاء إلى حظّهم المادىّ الذي تساووا فيه مع الأقوياء ، فوقع فى أنفسهم أن ذلك ربّما لا ينسحب على حظهم الأخروى ، فلا يكون لهم من الجزاء الأخروى ما لإخوانهم الأقوياء ..!
روى أحمد فى مسنده عن سعد بن أبى وقاص ، قال : قلت : يا رسول الله .. الرجل يكون حامية القوم .. سهمه وسهم غيره سواء ..؟ فقال : «ثكلتك أمّك ابن أمّ سعد! وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم؟».
ثم كان من عمل الرسول بعد أن اتصل التحام المسلمين بالمشركين أن جعل للفارس سهمين : له سهم ، ولفرسه سهم .. أما الراجل فله سهم واحد .. وذلك ليستحثّ المسلمين على اقتناء الخيل ، وإعدادها للقتال ، لتكون سلاحا عاملا منهم فى الجهاد ، ولهذا جاء قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) ـ جاء قوله تعالى هنا منبها إلى قيمة الخيل ، وملفتا النظر إلى آثارها فى ميدان الحرب ، وأنها ـ وعليها فرسانها ـ مصدر رهبة ، ومثار فزع ورعب للعدوّ ، الأمر الذي إن تحقق للمسلمين فى عدوّهم كان أول ضربة ، يصيبون بها العدوّ فى مقاتله ..
هذا ، وقد اختلف فى الخمس الذي كان للرسول ، مع الخمس الذي كان لقرابته ، مما جعله الله لهما فى خمس الغنائم الذي توزع إلى خمسة أخماس .. وذلك بعد وفاة الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
أما خمس الرسول ، فهو خمس الله الذي أضافه الله سبحانه إلى رسوله .. وعلى هذا يضاف هذا الخمس إلى ثلاثة الأخماس التي لليتامى والمساكين وابن السبيل ..