وقوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
هو أمر للمسلمين ، وبيان لموقفهم الذي يقفونه من المشركين ، وهو الجدّ فى قتالهم ، وأخذهم بالبأساء والضراء حتى تنكسر شوكتهم ، وتضعف قوتهم ، فلا تكون لهم يد على المؤمنين ، ولا قوة على الوقوف فى سبيل الله ، وصدّ الناس عنه ، وفتنتهم فى دينهم ، وحتى يكون الدين كله لله ، لا شريك له مما يشرك به المشركون ..
وهذا الأمر الموجه للمسلمين هو احتراس من أن يهادنوا المشركين ، ويدعوا أمرهم إلى الله ، ليقضى فيهم قضاءه الذي قضاه فى الظالمين من قبلهم.
فهذا القضاء وإن كان واقعا لا محالة من قبل الله بأهل المنكر والضلال ، إلا أنه مطلوب من أولياء الله أن يعملوا له ، وأن يأخذوا بالأسباب المنفّذة لقضاء الله النافذ ، ولحكمه الذي لا يردّ .. فذلك هو البلاء الذي ابتلى به المؤمنون ، ليكون لإيمانهم أثره وثمرته التي يحصّلونها منه ، وينالون الجزاء الحسن عليه ..
وقوله تعالى : (فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) تأكيد لهذا الأمر الذي أمر الله به المسلمين ، من الجدّ فى جهاد المشركين ، وأن الله مطلع على ما يكون منهم من بلاء فى الاستجابة لهذا الأمر ، وصدق فى الوفاء به ، حتى يكون من المشركين انتهاء عن محاربة الله ، بعد أن يضربهم المسلمون الضربة القاضية ..
وقوله سبحانه : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) ..