يلمّون بالمسجد الحرام ، ويوجهون وجوههم إلى ربهم ، بل يصدونهم عنه ، ويحولون بينهم وبينه.
ثم إنهم من جهة أخرى ، ليسوا أولياء الله ، حتى يتجاوز لهم عن آثامهم تلك ، شأن الولىّ مع من يتولاه ، ويغفر له زلاته ، ويلقاه بفضله وإحسانه ..
فالله سبحانه وتعالى ، لا يتولى إلا المتقين ، الذين جعلوا لله ولاءهم ، فآمنوا به وتعبدوا له ، واستقاموا على شريعته : (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) .. و «إن» هنا نافية ، بمعنى «ما» أي ما أولياؤه إلا المتقون ، كما يقول سبحانه : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ).
هذا ، ويرى أكثر المفسرين أن الضمير فى قوله تعالى : «أولياءه» يعود إلى المسجد الحرام ، أي وما كان المشركون أولياء المسجد الحرام ، وأهل القوامة عليه .. ذلك أنه بيت الله ، بل أول بيت وضع للناس ، ومن هنا فإنه لا يستحق أن يكون قائما على خدمته ، وحراسته ، إلا أهل الإيمان والتقوى .. فكيف يدّعى هؤلاء المشركون القوامة على أمر هذا المسجد الحرام ، وهم حرب عليه ، وعلى الطائفين به ، والمصلّين فيه من عباد الله المؤمنين .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ* إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ) (١٧ ـ ١٨ : التوبة).
فهل يعمر مسجد الله هؤلاء المشركون الذين يأتون المنكرات ، ويصدون الناس عن سبيل الله ، ويجعلون صلاتهم عند البيت مكاء وتصدية ، كما يقول الله سبحانه وتعالى بعد هذه الآية؟ وهذا الرأى الذي يقول به أكثر المفسّرين يتسع له النظم الذي جاءت عليه الآية الكريمة ، كما يتسع للمعنى الذي