ومع هذا ، فإنه لن يعفى المؤمنين استشراء الشرّ من أن يقوموا بما يجب عليهم فى تلك الحال ، من النصح ، والتوجيه ، والدعوة إلى الله ، فهم أساة المجتمع لهذا الوباء الذي نزل به ..
فإذا قصّروا فى أداء هذا الواجب كانوا بمعرض المؤاخذة والجزاء ..
وثالثا : قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) هو توكيد لما يجب على المؤمنين من التناصح ، والتناهى عن المنكر فيما بينهم ، وإلا لم يكونوا من المتقين ، ولم يحسبوا فيهم .. إذ كيف يكون المؤمن ممن اتقى الله ، وهو يرى المنكر ولا ينكره ، ويرى الظلم ولا يقف فى وجهه؟
ورابعا : إن المجتمع الإنسانى جسد واحد ، وما يصيب بعضه من فساد وانحلال ، لا بد أن يتأثر به المجتمع كله ، كما يتأثر الجسد بفساد عضو من أعضائه وإنه كما يعمل المجتمع على حماية نفسه من الأمراض المعدية والآفات الجائحة ، فيحشد كل قواه لدفع هذا الوباء ، بتطبيب المرضى أو عزلهم ـ كذلك ينبغى أن يعمل على إخماد نار الفتن المشبوبة فيه ، والضرب على أيدى مثيريها. وإلا امتد إليهم لهيبها ، والتهمتهم نارها ..
فحيث كان شر ، فإنه لا يصيب من تلبّس به وحده ، بل لا بد أن ينضح منه شىء على من حوله .. فكان من الحكمة دفع الشر ومحاربته فى أي مكان يطل بوجهه منه.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
هو تذكير للمؤمنين بنعم الله ، وأفضاله عليهم ، إذ ألبسهم لباس الأمن والعافية ، بعد أن كانوا قلة مستضعفين ، تنالهم يد أعدائهم بالضرّ