عليهم تلك المنكرات ، ولهذا عمّ الله بنى إسرائيل جميعا باللعنة ، لأنهم لم ينصحوا الظلمة فيهم ، ولم ينكروا ظلمهم ، وفى هذا يقول الله تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ* كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٧٨ ـ ٧٩ : المائدة).
وهنا سؤال :
كيف يؤخذ المحسنون بظلم الظالمين ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى؟) (١٨ : فاطر) ويقول سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ؟) (١٠٥ : المائدة) .. ويقول فى هذه الآية : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) .. فكيف يكون مع المتقين ثم يأخذهم بما أخذ به الظالمين؟.
والجواب ـ والله أعلم ـ :
أولا : أن سكوت غير الظالمين عن الظالمين هو وزر ، له عقابه ، فهم وإن لم يظلموا أحدا ، فقد ظلموا أنفسهم بحجزها عن هذا المنطلق الذي تنطلق منه إلى رضوان الله ، وإلى حماية أنفسهم وحماية المجتمع الذي هم فيه مما يشيعه الظالمون من فساد وضلال ، وشر مستطير.
وثانيا : أن قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) هو حماية للمؤمنين من أن يجرفهم تيار المفسدين ، وأن يسلموا زمامهم لهم ، ويسلكوا معهم الطريق الذين سلكوه حين يستشرى الفساد ويغلب المفسدون .. فهنا يكون واجب المؤمن حيال نفسه أن يحميها أولا من هذا الوباء ، وأن يمسك عليه دينه حتى لا يفلت منه فى زحمة هذا الفساد الزاحف بخيله ورجله ..