أن علمتم أن الله معكم ، وأن إشارات النصر وبشرياته قد جاءت إليكم ، تحملها ملائكة الرحمن التي بعثها الله لتقاتل معكم .. فهل يغلب من كان الله معه؟ وهل يهزم من كانت جنود الرحمن تقاتل فى صفوفه ، ولو كان فردا يقاتل الناس جميعا؟
وهذه الجند المرسلة من السماء ، ليست إلا ألطافا من ألطاف الله بكم فى هذا الموقف الحرج ، ترون منها بشائر النصر ، وتجدون فيها ريح السكينة والطمأنينة ـ أما النصر فهو بيد الله وحده ، فهو الذي كتب لكم النصر ، وليست الملائكة التي قاتلت معكم .. (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) له سبحانه ، العزة ، يعزّ بها من يشاء ، ويذل من يشاء ، وينصر بها من يشاء ، ويخذل من يشاء ، حسب ما اقتضت حكمته ..
هذا ، وقد جاء المفسرون بكثير من الأخبار المروية عن الملائكة وقتالهم فى بدر ، حتى لقد ذكر فى بعض الروايات ، الصورة التي كان عليها الملائكة ، وهم يقاتلون ، والعمائم البيضاء التي يلبسونها ، والخيل البلق التي يمتطونها ، كما ذكرت روايات أخرى بعض أفعال الملائكة بالمشركين ، وكيف كان بعض المقاتلين من المسلمين يهمّ بأن يضرب بسيفه رأسا من رءوس المشركين ، فإذا به يجد هذا الرأس قد سقط عن جسده قبل أن يناله سيفه .. إلى كثير من تلك الأخبار التي يكثر فيها الخيال ، حيث وجد القصاص مادة خصبة فى هذا الميدان الذي لم تشهد الحياة مثالا له .. فما أن أمسك القصاص بهذا الخبر السماوي الذي يحدث عن المدد الملائكى للمسلمين ، حتى أطلقوا لخيالهم العنان ، فنسجوا حول هذه الحقيقة العجيبة ما شاء لهم الخيال أن ينسجوه من عجائب وغرائب!.
وفى قوله تعالى : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ) ما يقطع بأن هذا المدد