ومعنى هذا أيضا أن
إيمان جميع الذين سبقوا المسيح من الأنبياء والرسل وأتباعهم إيمان ناقص ، وكذلك
إيمان أتباع المسيح جميعا الذين لم يروه رأى العين! فما الجواب؟ وأظن لا جواب!
اعتراض ثالث : «إن
كان ولا بد من تجسّد الله .. فلما ذا لم يظهر بالهيئة التي تليق بمجده وبهائه ،
حتى تهابه الناس وتخضع له؟»
وجواب : «إن غرض
الله من التجسد ، لم يكن لإظهار عظمته ، أو إثارة وإعجاب الناس به (لأن تصرفا كهذا
لا يصدر إلا من الناقص ، الراغب فى تعظيم الناس له) بل هو جمعهم حوله لكى يمتّعهم
بحبّه وعطفه ، ويخلصهم من خطاياهم وضعفتهم ، حتى تكون لهم معه حياة روحية سعيدة ،
وبما أنه لو كان تعالى قد ظهر لهم بهيئة تناسب مجده الأزلى لارتعب الناس منه ،
ولما استطاع واحد منهم أن يدنو إليه ـ كان البديهي أن يظهر لهم بالهيئة المألوفة
لديهم ، وهى الهيئة البشرية ، لكى تتحقق أغراضه هذه ، كما أنه لو كان قد تجنب
الظهور بمجده الخاص الذي يرعب الناس ، وظهر فقط بإحدى مظاهر العظمة الأرضية ، لحرم
متوسطو الحال والفقراء من التمتع به ، وهؤلاء ـ كما نعلم ـ هم السواد الأعظم من
البشر ، وهم فى جملتهم أكثر من الأغنياء استعدادا لمعرفته والسير فى سبيله ، لذلك
كان من البديهي أيضا ألا يظهر بأى مظهر من مظاهر العظمة الدنيوية كذلك ، بل يظهر
بالمظهر العادي ، الذي ظهر به فعلا ، لأنه هو الذي يفسح المجال أمام جميع الناس
للاقتراب إليه والاتصال به ، والإفادة منه .
وتعليق وهذا
الجواب أيضا أبعد من أن يدفع الاعتراض المعترض به ..
فالله إذ ظهر هذا
الظهور الذي هو أقرب إلى الخفاء والتستر ، منه إلى أي
__________________