شىء آخر ، إذ لم ير الناس ـ الذين رأوه شيئا منه .. إنهم لم يروا إلا إنسانا .. مجرد إنسان يقال عنه ، أو قيل عنه ـ فيما بعد ـ إنه هو الله!
فأين الله الذي رآه الناس على أنه الله ـ وأين الناس الذين رأوه على تلك الصورة؟ لا جواب!.
ثم إن الذين رأوه ، هم قلّة فى الناس ، لا يكادون يذكرون إلى تلك الأعداد التي لا حصر لها من الذين لم يروا المسيح ، ولم يضمهم إليه ، ويمتعهم بمحبته!
واعتراض رابع : إذا كان المسيح هو الله .. فلما ذا لم يعلن ذلك صراحة أمام الناس ، حتى يؤمنوا جميعا به؟».
وجواب : «لا يخفى لدى العاقل أنه لو كان المسيح قد أعلن للناس عن حقيقة ذاته قبل أن يختبروها بأنفسهم ، لكانوا قد اعتبروه محترفا ومدعيا ، ولما كانوا قد آمنوا به إطلاقا .. لكن شاء أن يستنتجوا هم حقيقة ذاته ، من حياته ، وأعماله ، لكى لا يكون إيمانهم به نظريا أو سماعيا ، بل إيمانا اختباريا عمليا ...
«ومع كل فقد أعلن السيد المسيح عن حقيقة ذاته بكل صراحة للذين كانوا يشكّون فى شخصيته ، أو لا يستطيعون الكشف عنها ..
فقد قال مرة لأعمى كان ـ له المجد ـ قد شفاه : «أتؤمن بابن الله؟» فلما سأله هذا : «من هو يا سيد لأومن به؟ أجاب ـ له المجد : قد رأيته ، والذي يتكلم معك هو هو» فقال له الأعمى : أو من يا سيد ، وسجد له (١)».
وتعليق : المسيح ، كما هو ظاهر من هذا القول ، لم يعلن أنه هو الله ، بل قال إنه «ابن الله». وللبنوة هذه معنى كان معروفا عند الناس إذ ذاك فى
__________________
(١) المصدر السابق ص ٨٨.