الحيوان المقتول ، فكان من الحكمة استحضاره فى تلك الحال ، وجعله حالا قائمة فى نظر الحكمين اللذين يرجع إليهما فى الحكم فى هذا الأمر .. وذلك من شأنه أن يجعل الحيوان المقتول ، والحيوان المنظور إلى إحلاله محله فى مجال نظر الحكمين ، مما يجعل حكمهما أقرب إلى الصحة والسلامة.
وثانيا : تأسيسا على هذا يصبح الحيوان الذي يساق هديا إلى الكعبة أصلا يقاس عليه ، عند العدول إلى غيره ، مما يساوى قيمته ، من إطعام مساكين ، أو صيام أيام تعادل ما يطعم من مساكين. ويكون تقدير النظم القرآنى على هذا الوجه «يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة ، أو ما يقوم مقامه من إطعام مساكين ، أو ما يعدل إطعامهم من صيام. ومن هنا كان القطع لازما ، بعد تقرير الحكم ، وتقدير الحيوان الذي يحلّ محلّ الصيد المقتول.
وفى قوله تعالى : (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) الفاعل هنا هو المحرم الذي قتل الصيد ، والوبال : هو السوء والضرّ ، ومنه قولهم طعام وبيل ، وماء وبيل ، إذا كانا فاسدين لم تسفهما النفس ، ومن ذلك قوله تعالى فى فرعون : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) (١٦ : المزمل).
وفى قوله تعالى : (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) تشنيع على الاعتداء على حرمات الله ، وعلى العدوان على من لاذبحماه ، ولو كان حيوانا أحل الله ذبحه وأكله ، فمن فعل ذلك فقد عرّض نفسه لبلاء شديد يلقاه من عذاب الله.
وتظهر بشاعة هذا الفعل ، وشناعته من وجوه :
فأولا : هذه الكفارة التي تقدّم بها قاتل الصيد فى الحرم ، أو وهو محرم ـ هذه الكفارة عن تقديم هدى مثله إلى الكعبة أو إطعام مساكين أو صيام ـ