وبأمره .. «تبارك» أي علا وتقدّس وتمجّد وعظم .. «الله ربّ العالمين» .. هذا لسان حال الوجود كله ، يسبح بحمد الله ، ويمجده ويقدسه ويعظمه.
قوله سبحانه (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) أي إذا كان هذا الوجود كله هو صنعة الله ، وكل حركة وسكون فيه هى بتقدير الله وبتدبيره وأمره ، فإنه ينبغى ألا يكون لمخلوق متوجه إلا إلى الله وحده ؛ إليه تتجه لوجوه ، وله ترفع الأكفّ وتبسط لأيدى .. (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) أي ادعوه فى تذلل وخضوع ، وفى همس وخفوت ، فهذا أجمع للجوارح ، وأدعى إلى سكن النفس وطمأنينة القلب ، وليس كذلك .. الصراخ والهتاف ، حيث تتوزع المشاعر ، وتتفرق الجوارح ، ويدخل على الإنسان شعور يبعد الله عنه ، وبأنه يملأ هذا الفراغ الذي بينه وبين الله ، بهذا الهتاف والصراخ.
وقوله تعالى : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الاعتداء هنا هو الالتفات إلى غير الله ، وللجأ إلى وجه غير وجهه .. فذلك عدوان على الله ، وما له من حق على العباد فى الولاء له ، والطلب منه ..
قوله تعالى : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) .. الإفساد فى الأرض هو اتخاذ الطرق المعوجة فيها ، بعد أن أقامها الله على السلامة والفطرة .. فمن الإفساد العظيم فى الأرض ، الشرك بالله ، أو الكفر به ، أو الانحراف عن شرائعه .. والله سبحانه وتعالى يقول : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً).
قوله سبحانه : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) أي إذا انتهيتم عما نهاكم الله عنه ، وهو الإفساد فى الأرض ، فوجهوا وجوهكم إلى الله ، وادعوه وأنتم على إشفاق وطمع .. إشفاق من عذابه ، وطمع فى مغفرته .. هكذا هو شأن المؤمنين بالله .. حالهم أبدا معه على خوف منه ، ورجاء فيه .. فالخوف