الشمس ، فحيث تشرق الشمس يكون أبدا وراءها ظلام ، أو ليل ، هو متخلف زمنا عن النهار ..
فالنهار فى الشرق هو ناسخ لليل لذى كان فى الغرب ، والليل الذي يستولى على الشرق ، هو فى مقابل النهار الذي انسحب منه .. أو بمعنى جغرافى آخر .. أننا إذا فرضنا أن الوقت الآن نهار فى نصف الكرة الشرقي ، كان معنى هذا أن وراء هذا النهار ليل هو قائم فى النصف الغربىّ من الأرض ، وأنه بحكم دورة الأرض حول نفسها من الغرب إلى الشرق ، سيأخذ كل من النهار والليل مكان صاحبه بعد نصف دورة كاملة من دورة الأرض .. فبين الشرق والغرب فرق زمنى هو مدة نهار كامل ، وهذا ما يمكن أن يفهم عليه قوله تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٤٠ : يس) .. فالنهار يسبق الليل أبدا ، والعكس لا ينبغى أن يكون ، لأن سلطان الشمس قائم على الأرض مسلط عليها ، أو بمعنى أصح على النصف المواجه للشمس منها دائما ..
وقوله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) معطوف على قوله سبحانه : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي وخلق الشمس والقمر والنجوم ، وهى كائنات مسخرات لأمره ، لا سلطان لها ، ولا فعل لها من ذاتها .. ومن هنا لا تصح عبادتها ، ولا ينبغى أن يتعلق مخلوق بمخلوق مثله ، وينشد الرزق منه. فقوله تعالى : (مُسَخَّراتٍ) حال من الشمس والقمر والنجوم.
وقوله سبحانه : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) الخلق : خلق الكائنات جميعها ، العلوىّ منها والسفلىّ .. «والأمر» التدبير والتسخير وإجراء كل مخلوق على التقدير الذي قدّره الله له ..
فالمخلوقات جميعها صنعة الخالق ، وحركاتها وسكناتها كلها بتقدير الله ،