درجة الخلافة ، إلى جميع الكمالات التي تمكّن من أسبابها وتؤكد من سلطانها.
وفى هذا التفاوت الذي بين الناس ، وفى درجات التفاضل المقسومة بينهم ، يتحرك الناس ، فيلحق المتأخر بالمتقدم ، ويسعى المتقدم ليلحق بمن تقدم عليه وفضله ، أو ينزل عن مكانه الذي هو فيه ليأخذه غيره .. وهكذا يتحرك الناس فى الحياة صعودا وهبوطا ، ويتبادلون المواقف ، ويتنازعون منازل الفضل ، وبهذا تظل ريح الحياة فى حركة دائمة مجدّدة. يتنفس فيها الناس أنفاس الأمل ، والقوة ، والحياة ..
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) أي ليمتحنكم فيما أودع فى كل منكم من قوى ، هى رصيد كل منكم فى سوق الحياة ، وفى هذه السوق يكون العمل ، فيربح من يربح ، ويخسر من يخسر ..
وفى قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) إشارة إلى أن كل عمل يحمل جزاءه معه ، جزاء معجّلا ، يجده الإنسان فى الدنيا ، قبل أن يلقى الجزاء عليه فى الآخرة.
فالأعمال الطيبة تفوح منها ريح طيبة على صاحبها ، فيجد فيها رضى النفس ، وراحة الضمير ، وحسن الأحدوثة ، وسلامة العاقبة .. والأعمال الخبيثة تهب منها على صاحبها ريح خبيثة تزكم أنفه ، وتخنق صدره ، وتفسد حياته ، وتضلّ سعيه ..
هذا هو الجزاء السريع العاجل فى الدنيا لكل عمل .. (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ).
أما فى الآخرة ، فهناك الحساب والجزاء ، لأعمال الإنسان جميعها ، حيث تسوّى أعماله خيرها وشرها ، ويوفىّ الجزاء العادل عليها.
وهذا الجزاء المعجل والمؤجّل معا ، تحفّه مغفرة الله ، وتمسه رحمته ، ولو لا