وقوله تعالى : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) أي أول من استجاب لدعوة الله التي دعى إليها ، وأمر أن يؤذّن بالناس فيها .. فالنبىّ هو صاحب الدعوة الإسلامية ، فكان أول من لبس ثوبها ، وتوّج بتاجها ..
والسؤال هنا : هل كان النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أول المسلمين عامة ، أي أول الإنسانية كلها إسلاما .. أم هو أول المسلمين من أمة محمد وحدها؟.
والجواب على هذا ـ والله أعلم ـ أنّه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أول المسلمين فى أمته ، إذ أن «الإسلام» هو سمة الرسالة المحمدية وحدها ، من بين الرسالات السماوية كلها ، وأن «الإسلام» وإن كان هو دين الله ، الذي جاءت به رسالاته كلها ، إلا أنه لم يأخذ هذا الوصف إلا فى رسالة محمد ، التي كانت مجتمع الرسالات ، وخاتمتها ، وأن إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام قد دعوا الله بأن يجعل منهما أمة مسلمة ، هى أمة محمد عليه الصلاة والسلام .. وفى هذا يقول الله على لسانيهما : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) .. (١٢٨ : البقرة) :
ويقول سبحانه (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) (٧٨ : الحج)
وقوله تعالى :
(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) أمر من الله ـ سبحانه ـ للنبىّ أن ينكر على المشركين ما هم فيه من ضلال وشرك بالله ، وأنهم إذا ابتغوا غير الله ربّا ، فلن يبتغى هو غير الله ربّا ، فالله هو ربّ كل شىء ، واتخاذ غيره إلها ، هو شرود عن الحق الذي استقام عليه الوجود كله ..