من ربّه ، يحمل البركة والخير والرحمة ، لمن اتّصل به ، وأخذ عنه ..
وقوله سبحانه : (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) .. بيان للحكمة من إنزال هذا الكتاب على الأمة العربية ، بلسانها العربي ، وعلى يد رسول عربى ، دون إحالة لهم على ما عند غيرهم من أهل الكتاب .. وفى هذا فضل عظيم من الله على هؤلاء القوم ، الذين خصهم الله برحمته ، ومسهم بفضله ، فجعلهم أهلا لخطابه ، وموضعا لمغارس السماء فيهم .. فلا حجّة لهم بعد هذا ، ولا مكان لقول يقولونه إذا هم حوسبوا على هذا الشرك وذلك الضلال الذي هم فيه ، حيث يقولون : إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ، ولم ندرس ما عندهم ، ولم نتلق عنهم ، لأننا أمة لنا كيان واعتبار ، وتأبى علينا أنفسنا أن نجىء إليهم متطفلين على ما فى أيديهم .. فها هو ذا الكتاب الذي كانوا يتطلعون إليه ، قد جاءهم .. فما حجتهم إذا لم يتبعوه ويؤمنوا به؟.
والطائفتان اللتان سبقتا الأمة العربية بالكتب المنزلة ، هما : اليهود والنصارى .. وقد خصّا بالذكر لأنهما كانا من المساكنين للأمة العربية ، والمتصلين بها ، زمانا ومكانا.
وقوله تعالى : (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) هو من المقولات التي كان يمكن أن يقولها مشركو العرب ، لو لم ينزل عليهم القرآن الكريم .. وها هو ذا الكتاب المبارك قد نزل عليهم .. فماذا هم فاعلون به؟ وما حجتهم على الله إذا زهدوا فيه ، أو وقفوا منه موقف العداوة ، ونصبوا له الحرب ، كما هم يفعلون الآن والنبي معهم؟.
وقوله تعالى : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها) هو وعيد لهؤلاء المشركين الذين استقبلوا آيات الله بالتكذيب بها ، وبالصدّ عنها ، فإنهم