الدنيوية ، حيث لم تدع مجالا لتأويل أو تفسير ، ولا مكانا لعقل ينظر ويجتهد .. وذلك :
أولا : ليسدّ على بنى إسرائيل الطريق إلى التأويلات الفاسدة ، وإلقاء أهوائهم كلها على كلمات الله ، إذا جاءتهم مجملة ، تحمل أكثر من محمل .. وذلك لما عرف عنهم من المكر بايات الله والاستخفاف بحرماته ..
وثانيا : ليلغى عقول هؤلاء القوم ، وليمسك بهم فى دور الطفولة ، جزاء لما استولى عليهم من طبائع خبيثة ، لا تؤمن إلا بما يقع لأيديهم من محسوسات ، فكانت التوراة بهذا التفصيل الذي جاءت به ، أشبه بالمحسوسات فى وضوحها ، وتحديد دلالاتها .. ومع هذا فقد خرجوا على حدودها ، بما أدخلوا عليها من حذف وإضافة ومن تبديل وتحريف.
وقوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) هو تعليل لهذا التفصيل الذي جاءت عليه التوراة ، الأمر الذي لا يدع لهم سبيلا إلى التأويل والتخريج ، والذي من شأنه أن يكشف لهم الطريق إلى الله ، وإلى الإيمان به ، وبالدار الآخرة ، التي هم فى ذهول عنها ، لما يشغلهم من أمور الدنيا ، ويحبس عقولهم وقلوبهم عليها ..
هذا ، وفى خطاب اليهود بضمير الغائب ، دون أن يجرى لهم ذكر يعود إليه هذا الضمير ـ استخفاف بهم ، وإهمال لشأنهم ، إذ كانوا فى هذا الشرود وذلك الذهول عن الله ، وعن كلماته المفصّلة التي بين أيديهم ..
قوله تعالى :
(وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) هو دعوة للمسلمين ، إلى الله ، وإلفات لهم إلى هذا الكتاب الذي جاءهم به رسول الله