وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) هو استكمال لما حرّمه الله من منكرات ، مما يتلوا الرسول الكريم على الناس من كتاب ربه ..
وفى النهى عن قتل الأولاد خشية الفقر ، بعد أمر الأبناء ببرّ الآباء ـ فى هذا ما يكشف عن تلك المفارقة البعيدة بين ما يكون من الأبناء من برهم بآبائهم ، وبين ما يأتيه هؤلاء الآباء من قتل أولئك الأبناء .. وفى هذا ما فيه ضلال وسفه ، وخروج على مألوف الطبيعة ، فيما بين الكائن الحىّ ومواليده .. من حيوان ونبات!!
وفى قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) قدّم رزق الآباء على الأبناء ، لأن الآباء هنا فى فقر واقع بهم ، وفى ضيق استولى عليهم ، فقتل فيهم مشاعر الإنسانية ، حتى طوعت لهم أنفسهم قتل أولادهم ، شفقة عليهم ، وإراحة لهم من آلام الجوع ، وقسوة المسغبة ، فجاء قوله تعالى : (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) ليشعر الآباء بأن الله متكفل برزقهم ورزق أبنائهم معا ، وأن هذا الضيق الذي هم فيه سوف يعقبه فرج ، وأن هذا الرزق الضيّق الذي هم فيه فعلا ، هو قسمة بينهم وبين أبنائهم ، فهم فيه سواء ، وأنه ليس للآباء أن يقتلوا أولادهم وهم شركاؤهم فى هذا الرزق المحدود الذي فى أيديهم ..
وقد جاء قوله تعالى فى سورة الإسراء : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) بتقديم رزق الأبناء على الآباء ، لأن الآباء فى تلك الحال ليسوا فى حال ضيق وفقر ، وإنما هم على شعور الخوف من الفقر مستقبلا ، فهم يقتلون أولادهم فى تلك الحال لا لفقر وقع ، وإنما لخشية الفقر المتوقّع ، الذي قد يكون وجود الأبناء سببا فى التعجيل به ـ فجاء قوله تعالى : (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) ليدفع هذا الشعور ، وليقيم مكانه شعورا مضادا له ، وهو أن