به ، ولم يكن له فى أنفسهم حساب أو توقير ، وما جعلوه لأوثانهم وأصنامهم لم يترخّصوا فيه ، بل أدّوه لهم كاملا. خوفا من أن تحبس عنهم هذه المعبودات الباطلة أسباب الخير ، أو تدفع إليهم نذر البلاء والنقمة.
وقوله سبحانه : (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) تسفيه لهذه الأحكام الخاطئة التي لم يتزموا فيها جانب العدل حتى فيما شرعوه هم بأنفسهم ، فلم يسوّوا فى هذه القسمة الجائرة بين الله وبين تلك المعبودات .. من أصنام وأوثان.
وقوله سبحانه : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) أي مما افتراه المشركون على الله هذا المنكر الذي زيّنه لهم شركاؤهم ، وهو قتل أولادهم ظلما وعدوانا ، بل سفها وضلالا. إذ أنهم بهذا العمل المنكر قد نزلوا عن مرتبة الحيوان الذي تأتى عليه طبيعته أن يمدّ يده بأذى إلى صغاره ، بل إنه ليجعل نفسه دريئة لهم من كل سوء ، ويقدّم حياته دفاعا عنهم من كل عدوّ .. فكيف طوعت لهؤلاء الحمقى السفهاء من الآدميين أنفسهم أن يقتلوا أولادهم بأيديهم؟ إن ذلك لا يكون إلا من إنسان فقد عقله ، فلم يدر ما يفعل ، حتى ولو قتل نفسه بيده! فليس بعد هذا ضلال ، أو خسران .. والله سبحانه يقول : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (١٤٠ : الأنعام).
وفى كشف هذه الجريمة الشنعاء ، كشف لما وصل إليه هؤلاء المشركون من سفه وحمق ، لا فى شركهم بالله ، وعبادتهم الأحجار ، وحسب ، بل فى هذا الأمر الذي صاروا به من عالم الجماد الذي لا يعقل ، ولا يحس ..
وفى إضافة التزيين بقتل الأولاد إلى الشركاء من أصنام وأوثان ، إشارة إلى أن هؤلاء المشركين قد صاروا لعبة فى يد هذه الجمادات ، يتلفّون من صمتها المطبق دلالات وإشارات ، يؤولونها هذا التأويل الفاسد ، الذي ينتهى بهم إلى