عندهم ـ وأمرها على هذا الوصف ـ إلا من قبيل الصغائر من الذنوب ، أو إلّا من اللّمم المعفوّ عنه من الآثام!
وكذبوا على الشريعة ، وافتروا على كلمات الله!
وقد بينا من قبل أن الأوصاف التي وصفت بها الخمر ، بأنها رجس ، وأنها من عمل الشيطان ، وأنها توقع العداوة والبغضاء ، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة ـ بيّنا أن هذه الأوصاف تضع الخمر على رأس المنكرات كلها ، وتقيمها فوق كل كبيرة ..
فالميتة والدم ولحم الخنزير ، وغيرها مما حرم الله من طعام ، وجاء تحريمها نصا بلفظ التحريم «حرمت» ـ لم توصف إلا بأنها فسق ولم تلحق بها تلك الأوصاف التي وصفت بها الخمر ، بأنها رجس ، وبأنها من عمل الشيطان ، وأنها توقع العداوة والبغضاء ، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة! ..
ونقول لهؤلاء المتأولين لكلمات الله على هذا الوجه الجريء الفاسد : ألا تقوم تلك الصفات التي وصفت بها الخمر شهادة على أنها أشنع المحرمات ، وأغلظ المنكرات؟ ثم ألا يكون أمر الله باجتنابها ، ولو لم توصف بما وصفت به ، حكما ملزما لكل مؤمن بالله أن يجتنبها اجتنابه للعدوّ المتربص به ، الراصد لاغتياله والقضاء عليه؟
إن حكم الله على شىء ، بأمر المؤمنين باجتنابه ، هو حكم عليه بأكثر من الحكم بتحريمه .. إذ الأمر باجتناب الشيء يجعله تحت حكم مؤبد بحرمته ، بحيث لا يحل أبدا بوجه من الوجوه ، أو فى حال من الأحوال ، وذلك بخلاف الأمور التي حكم الله بتحريمها ابتداء بصريح لفظ التحريم ، حيث تجدّ ظروف وأحوال تغيّر من صفتها ، وتنقلها من الحرمة إلى الحلّ أو الإباحة ..
فالمطاعم التي حرمّها الله ، من الميتة والدم ولحم الخنزير ، وغيرها قد أبيح