أقول : إن القول بأن الإنسان مختار أو مجبر ، والقول بأنه يعمل فى أمور مقدرة أو غير مقدرة ـ إن هذا القول أو ذاك لا يظهر لهما أثر إلا إذا نزلت أعمال الإنسان منزل الحساب والجزاء ، حين يحاسب على عمله ، فيجزى عن الخير خيرا ، وعن الشر شرا.
هنا يتغير الموقف ، ويصبح للقول باختيار الإنسان أو جبره ، وللقول بالقدر أو بألّا قدر ـ نتائج خطيرة ، يتعلق بها مصير الإنسان ، وتتقرر بها سعادته أو شقاؤه فى الدار الآخرة ..
فإذا قيل إن الإنسان حر مختار ، كان معنى هذا أنه مسئول عن عمله الحسن أو السيّء ، وأنه سينال ثوابه وعقابه على ما قدم من عمل ، ولا حجة له أمام الله ....
وإذا قيل إنه مجبر مكره ، وإنه يعمل بإرادة غالبة ، وبقدر سابق ، كان معنى هذا ألّا تبعة عليه ، وبالتالى ألا ثواب على حسن ، ولا عقاب على سيىء! ولكن الذي يقال هو غير هذا ..
فهناك دار الآخرة ، وفيها ثواب وعقاب ، وجنة للمؤمنين المتقين ، ونار للعصاة المذنبين.
وهنا تجىء التساؤلات والاعتراضات ..
ما ذنب الإنسان؟ وكيف يسأل عن أعمال مقدورة ، محكوم عليه أن يعملها؟ ..
وهنا تبرز مشكلة القضاء والقدر ، وتصبح هذه المشكلة فى مجال النظر والامتحان.
وهنا تتفتح للكثير من الناس أبواب المنازعة فى تدبير الله وفى حكمته ،