فى الحياة .. فهذا جانب حر ، أو منطقة حرّة فى كيان الإنسان .. ولكنه يرى من جهة أخرى أن الأفعال كلها مخلوقة لله ، بإرادة أزلية سابقة شاملة ، وأن إرادة الإنسان لا تؤثر فى القدرة القديمة ..
فالإنسان محكوم عليه أن ينفّذ ما وقع فى إرادة الله ، وأن إرادة الإنسان ، وقصده ، وعلمه ـ كل هذا ، لا يغيّر من المقدّر عليه شيئا .. فالإنسان حر إلى أن يفرغ من الفعل الذي قدّر عليه بإرادة سابقة أن يقع على يديه.
وتسأل : ما قيمة هذه الحرّية مع ما سبق من إرادة الله وقدرته؟ إن الإنسان فى ظاهر الأمر يبدو حرّا طليقا ، ولكن قوة غير ظاهرة هى التي تقوده إلى ما سبق به علم الله ، وقضت به إرادته .. ومرة أخرى : ما قيمة هذه الحريّة؟ أتراها تدفع شيئا مما قضى به الله وقدّره؟
والجواب : كلا .. إنها لا تدفع قضاء ولا تردّ قدرا .. ولكنها حرية تتيح للإنسان أن يبرز ذاته ، وأن يعمل قواه كلها ، وأن يفرض وجوده على الحياة ، وأن يبسط سلطانه على الأشياء ، وإن تفلّتث منه وخرجت من يديه! وذلك شىء ليس بالقليل فى وجود الإنسان الذي لا قيمة له بغير هذه الحرية التي تمنحه الاستعلاء على الأشياء ، وتريه من نفسه أنه قادر ، مستطيع ، عالم ، مريد .. وإن لم يكن قادرا ، ولا مستطيعا ، ولا عالما ، ولا مريدا.
إمام الحرمين ورأيه فى الكسب
هو أبو المعالي ، عبد الملك بن عبد الله الجويني ، المعروف بإمام الحرمين (توفى سنة ٤٧٨ هجرية).
وقد نزع بنظرية الكسب منزعا آخر .. إنه يطلق حرّية الإنسان من