وعن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أسكر كثيره فقليله حرام».
فكيف يزاغ عن هذا الحكم القاطع فى الخمر وحرمتها ، أيّا كان الوجه الذي تظهر به ، وأيّا كان لونها وطعمها؟
إن كل ما أسكر فهو خمر ، قليله وكثيره حرام .. هذا هو حكم الله ، والحلال بيّن والحرام بيّن .. والمرء مؤتمن على دينه ، فما عرف أنه مؤثّر على عقله من شراب أو طعام ، كان حراما عليه أن يذوق قطرة منه ، أو يطعم أقل القليل منه.
هذا هو فيصل الأمر فى الخمر .. وإذن فلا قول بعد هذا ، ولا بحث فى مادتها ، ولونها.
فالعلة فى تحريم الخمر هى الإسكار والتأثير على العقل ، تأثيرا يغيّر طبيعته ، ويفقده توازنه ، والعلة تدور مع المعلول وجودا وعدما .. وليست علة تحريم الخمر قلتها وكثرتها ، وإنما علتها أنها الخمر ، وأنها الحرام ، وليس فى الحرام قليل وكثير .. فما حرم كثيره فقليله حرام ، سدّا للذرائع .. حيث لا حجاز بين القليل والكثير ، فقد يسكر بعض الناس من قطرات من الخمر بينما لا يسكر بعضهم إلا بما يملأ بطنه منها!!
* * *
وأما مكان الخمر بين المحرمات ، فأشهر من أن يدلّ عليه ، فهى كبيرة الكبائر ، وأم المحرمات.
ولكن الذي دعانا إلى بحث هذا الأمر ما نسمعه يجرى اليوم على أفواه بعض المثقفين من الشبان ، الذين لقّنوا تأويلات فاسدة ، دخلت عليهم مدخل الدين ، من مقولات الملحدين ، الذين يكيدون للإسلام ، ويثيرون فى وجهه