السقف المرفوع ، وهى علامات للسائرين ليلا فى البر أو البحر.
وفى إضافة الظلمات إلى البر والبحر إشارة إلى أن الظلام هو الذي يلبسهما ويستولى عليهما ، فكأن السائر فى الليل ، يقطع قطعا من الظلام ، سواء أكان فى البر أو البحر.
والمراد بالظلمات هنا ، ليس هو الظلام الذي يلبس الوجود فى الليل ، وإنما هى هذا التيه الذي يستولى على راكب البحر ، أو راكب الصحراء أو نحوها ، فى الليل ، حيث لا يعرف الإنسان أين يتجه ، وهو فى هذا الكون الفسيح الذي لا معلم فيه .. والنجوم هى المعالم التي تكشف لراكب البحر أو الصحراء طريقه ، وتشير له إلى متجهه ، نحو الشرق أو الغرب ، أو الشمال أو الجنوب وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (١٦ : النحل)
ومن مبدعات القدرة الإلهية أن عالم الإنسان ـ وهو واحد من عوالم كثيرة لا تحصى ـ هو ثمرة نفس واحدة ، كان منها هذا العالم الإنسانى كله ، فى أممه ، وشعوبه ، المنتشرة فى آفاق الأرض كلها. (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ).
وقوله تعالى : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) أي فمستقر ومستودع هو الذي تتوالدون منه وتتكاثرون ، والمستقر هو النطفة فى صلب الرجل ، والمستودع هو النطفة تستودع فى رحم المرأة .. ومن المستقر والمستودع يكون التناسل والتوالد .. أو فمستقر على الأرض مدة حياتكم ، ومستودع فى باطنها بعد موتكم ..
وفى فاصلة الآية هنا : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) ، وفى الفاصلة قبلها (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) توافق كلّ فاصلة مع الحال الداعية إليها فى آيتها ..
فعملية الخلق ، والتوالد ، والتناسل ، عملية تحتاج إلى دقة نظر ، ومزيد علم ،