قال الخطابىّ فى تعليقه على هذا الحديث : «ليس معناه أن الخمر لا يكون إلا من هذه الأشياء الخمسة بأعيانها ، وإنما جرى ذكرها خصوصا ، لكونها معهودة فى ذلك الزمان ، فكل ما كان فى معناها .. من ذرة ، وسلت (١) ، ولبّ ثمرة ، وعصارة شجرة ، فحكمه حكمها».
وفى صحيح مسلم عن أنس قال : «لقد أنزل الله الآية التي حرّم فيها الخمر ، وما بالمدينة شراب يشرب إلّا من تمر».
وفى صحيح البخاري عن أنس قال : «حرمت علينا الخمر حين حرّمت وما نجد خمر الأعناب إلا قليلا ، وعامة خمرنا البسر والتمر»
وعلى هذا ، فمادّة الخمر لا معتبر لها فى تحريمه ، وإنما المعتبر فى أية مادة هنا هو لبوسها لباس الخمر. أي أنها تسكر من يتعاطاها ، وينال منها .. فكل ما أسكر فهو خمر ، لأنه يخامر العقل ، ويستره.
وفى الحديث : «إن الخمر من العصير ، والزبيب ، والتمر ، والحنطة ، والشعير ، والذرة ، وإنى أنهاكم عن كل مسكر» (مختصر سنن أبى داود : للمنذرى حديث ٣٣٢) ..
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال وهو يخطب : «نزل تحريم الخمر يوم نزل ، وهى من خمسة أشياء : من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير .. والخمر ، ما خامر العقل ..».
وقد اختلف الفقهاء فى صنعة الخمر كما اختلفوا فى مادتها ، فقال بعضهم : الخمر ما خمّر ، دون أن تمسّه النار ، وأن ما طبخ بالنار فليس خمرا .. كذلك اختلفوا فى «النبيذ» وهو ما ينقع ، فقال بعضهم : إذا تخمر وغلا ورمى بالزبد فهو خمر ، قليله وكثيره حرام ، وإذ لم يتخمر ويرمى بالزّبد ، فإذا أسكر فهو مكروه ، وإذا لم يسكر فلا شىء فيه.
__________________
(١) السلت : الشعير.