المسألة دون أن يحققوها ، ولا أن المتربصين بالقرآن غفلوا عن هذا الخلاف الذي بينه وبين التوراة .. ولو أنهم وجدوا فى هذا مطعنا على القرآن لكان ذلك من أقوى حججهم عليه. وطعناتهم له ، الأمر الذي لم يقله اليهود ، الذين لم يتركوا قولا يقولونه فيه. ويفترونه عليه ، ولم يقله أحد من غير اليهود ، الذين رصدوا للقرآن ، وجعلوا يتصيدون كل سانحة من وهم أو خيال تسنح لهم فيه ..
ثالثا : الطريق سلكه إبراهيم فى التعرف على الله ..
وهو الطريق الاستدلالي بالنظر فى ملكوت السموات والأرض .. وهو نفس الطريق الذي جاءت الرسالة لإسلامية به ، فى دعوتها إلى التعرف على الله والإيمان به ..
وقد سلك القرآن المنهج نفسه ، الذي تعرف به إبراهيم على الله ، فى دعوة المشركين إلى التعرف عليه ..
فكان أول ما لفت القرآن نظر المشركين إليه ، هو النظر إلى آلهتهم تلك التي يعبدونها ، من أصنام وأوثان ، وأن يعيدوا النظر إليها مرة بعد مرة ، ليروا إن كانت تدفع عن نفسها ضرا ، أو إن كانت تسمع أو تعقل ما يناجيها به العابدون لها ، أو تستجيب لما يرجى منها من دفع ضر أو جلب خير ..!
وفى هذا يقول الله تعالى على لسان نبيه الكريم مخاطبا المشركين : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ) (٧٣ : النحل) ويقول سبحانه : (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (٢٢ : العنكبوت) ويقول سبحانه على لسان المشركين : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٣ : الزمر)