وقد جاء القرآن الكريم فى الحديث عن إبراهيم منسوبا إلى أبيه ، باسم هذا الأب ، وهو «آزر» : هكذا : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ). فكيف يجوز لقائل أن يقول فى هذه النسبة ، وفى مسمى هذا الاسم قولا؟ إنه أبو إبراهيم بلا شك ، وإنّ اسمه «آزر» بلا ريب .. هكذا قال القرآن ، وهكذا يجب أن نقول.
وليس هذا فحسب ، فإن القرآن قد ذكر مواقف بين إبراهيم وأبيه هذا ، فقال تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (٤١ ـ ٤٢ مريم).
وقال سبحان على لسان إبراهيم : (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) وقال جلّ شأنه : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) (١١٤ : التوبة) فالجدل والحوار كان دائما بين إبراهيم وأبيه ، وفى مواجهته ، وليس مع جده ، أو مع صنم!
وقد أثرنا هذه المسألة ، لأنها تمس الصميم من القرآن الكريم ، وتنبىء عن مدى صدقه ، وأنه تنزيل من العالمين ، كما يقول هو عن نفسه ، أو أنه من عمل «محمد» ومن تلقياته التي أخذها من أهل الكتاب وغيرهم ، كما يتخرص المتخرصون.
وهنا اختبار عملى لهذه القضية ، ومقطع من مقاطع القول فيها ..
فإما أن يكون آرز هو الاسم المعروف به أبو إبراهيم ، وفى ذلك حكم قاطع بأن القرآن هو كلام الله ، يقول الحق ، ويأتى بأنباء الغيب ، وإما ألا يكون «آزر» على غير هذا الوصف ، فيكون القرآن كما يقول فيه المكذبون به ، والكائدون له ..
وهذا أمر يمكن أن يحقّق تاريخيا .. ولا أحسب أن اليهود تركوا هذه