بالله ، من بلاء ونكال ثم يسلك طريقهم ، ويتبع سبيلهم .. إنه بهذا يردّ إلى الوراء ، على وضع مقلوب : (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) .. وليس ثمة عذر يقوم لهذه العودة إلى القهقرى ، (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) وأرانا الهدى مشرقا وضيئا ، وأقامنا على الصراط المستقيم ..
أفبعد هذا ينتظم المؤمنين ركب مع هؤلاء الضالين ، الذين لم يعرفوا غير الظلام لونا ، ولا غير الضلال طريقا؟
أنردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، ونكون كالذى استهوته الشياطين فى الأرض حيران ، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ، ويمدّون إليه أيديهم بحبل النجاة ، فلا يستجيب لهم ، ولا تعلق يده بحبالهم؟.
وفى قوله تعالى : (لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا) إشارة إلى أن المؤمنين هم دعاة هدى مع النبىّ ، يحملون إلى الناس هذا الخير الذي بين أيديهم ، ويطعمونهم مما طعموا منه .. إن ذلك أشبه بالزكاة المفروضة على المسلمين للفقراء والمساكين .. وهؤلاء المشركون هم فقراء ومساكين ، يستحقون العطف والإحسان .. ولكن كثيرا منهم يموت على ضلاله وكفره ، دون أن يمد يده إلى تلك اليد التي تقدم له مركب النجاة!
وقوله سبحانه : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) يحتمل وجهين :
الوجه الأول : هو أنه وصف للقرآن الكريم ، ولما حمل من شريعة ، وأنه هو هدى الله ، وكل ما سواه باطل وضلال .. وهذا الوصف الذي وصف به القرآن هو وصف لكل كتاب سماوىّ ، ولكل شريعة سماوية ..
والوجه الآخر هو أن الهدى الذي يؤثّر أثره فى النفوس ، فيستجيب المدعوون إليه ـ هو ما وقع فى نفوس أراد الله لها الخير ، ويسر لها السبيل إليه .. أما من لم يرد الله أن يهديه فلا هادى له أبدا .. وفى هذا يقول الله تعالى :