هؤلاء القوم ، ومن مجالسهم ، التي لا تنضح بغير الشر والسوء ..
والشيطان لا سلطان له على النبىّ ، بل لا سلطان له على أىّ مؤمن صادق الإيمان ، كما يقول الله سبحانه : «إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (٩٩ ـ ١٠٠ النحل).
والباء فى «به» هنا للسببية ، أي أنهم أصبحوا مشركين بسبب متابعتهم للشيطان ، واستسلامهم لغوآياته.
وفى نسبة هذا النسيان من النبىّ إلى الشيطان ، وإضافته إليه ، زيادة فى تقبيح هذه المجالس التي يخوض فيها المشركون فى آيات الله ، وأنها تحت سلطان الشيطان ، يمسك فيها زمام الموقف ، ويجرى على ألسنة القوم ما يتساقط منها من هزء وسخرية .. ومجلس هكذا يحضره الشيطان ، ويدبر الحديث فيه ، لا ينبغى للنبىّ أن يكون من شهوده ، فإن كان فيه لحظة ـ تحت أي ظرف ـ وجب أن ينتزع نفسه منه انتزاعا.
وقوله تعالى : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) إشارة إلى أن ما يقع من المشركين فى تلك المجالس الهازئة الهازلة من منكر ، لا يمسّ المتقين بسوء ، ولا يحمّلهم شيئا من أوزار هؤلاء القوم. ولكن تجنّب هذه المجالس هو حماية للمؤمنين من أن تصيبهم عدوى هذه الأحاديث ، وإن من الخير لهم ، والسلامة لدينهم ، أن يتّقوا هذه المجالس ، ويحذروها ..
وهكذا فى كل شر ، من قول أو عمل .. إنه واقع بأهله أولا وقبل كل شىء ، وما يصيب غيرهم منه ، لا يخفف من آثاره السيئة الواقعة بهم ، بل إنه ليضاعف من إثمهم ، ويضيف إلى جرمهم جرما .. وما يجب على المؤمنين فى تلك الحال