عمن هو خليفة عليهم .. وإنه ما انقادت تلك الجماعات من الجن والإنس والطير لسليمان ، إلا بعد أن أوتى من العلم ما أقدره على فهم هذه الجماعات ، والتفاهم معها ..
وقوله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ).
اختلف فى الكتاب هنا : أهو اللوح المحفوظ ، أم هو القرآن الكريم ..؟
ولعل الأقرب إلى مفهوم الآية الكريمة هنا ، هو «القرآن الكريم» حيث يبيّن فى آياته هذه أصولا ، وأحكاما ، ومقررات تندرج تحتها جميع المعارف الإنسانية ، التي بلغها العقل ، والتي فى مقدوره أن يبلغها يوما ما .. وإذا لم يكن القرآن الكريم قد كشف الغطاء عن هذه المعارف ، فإنما ذلك ليثير فى الإنسان دوافع النظر والبحث ، وليترك لعقله مجال الحركة والصراع ، فينتصر حينا ، وينهزم حينا ، وهو فى انتصاراته وهزائمه ، سيّد نفسه ، وقائد سفينة حياته ، وحسب القرآن الكريم فى هذا أن يومىء إليه من بعيد إلى مواطن الصيد ، التي يلقى بشباكه فيها ، فتجىء إليه بصيد وفير.
وقوله تعالى : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الضمير فى ربهم يعود إلى هذه المخلوقات كلها ، من دواب الأرض ، وطيور السماء ..
وقد اختلف فى حشر هذه الكائنات من حيوان ووحش وطير .. وهل تحاسب؟ وإذا حوسبت فهل تعذّب أو تنعّم ، كما يحاسب الإنسان ويعذب أو ينعم؟
ولا شك فى أنها ستحشر إلى الله ، فهذا صريح بنص القرآن فى هذه الآية ، وفى قوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (٥ : التكرير) .. أما ما وراء هذا فأمره إلى الله ، وعلمه عند علام الغيوب.