وغيرها ، من تلك التي لا تكون الأمة أمة إلا بها ..
فالأمة لا تسمى أمة ، إلا إذا كان بناؤها الذي تقوم عليه ينتظم جميع الأفراد الذين يدخلون فى حسابها ، وينتسبون إليها ، بمعنى أن يكون بين أفراد الأمة من قوى التلاحم والترابط ما يجمع بعضهم إلى بعض ، ويؤلّف منهم جسدا اجتماعيا أشبه بجسد الكائن الحىّ وما بين أعضائه ، من ترابط ، وتساند ، وانسجام!
ومن هنا يمكن أن تتغير نظرة الإنسان إلى عالم الحيوان ، وأن يفتح له العلم الحديث آفاقا جديدة فى دراسة علم الحيوان ، فلا يقف عند حدود دراسة جسدية له ، تدور حول الوظائف العضوية وما يتصل بها ، بل ينبغى أن يتجاوز العلم هذه الدراسة إلى دراسات نفسية ، وعقلية أيضا .. بحيث يكون من موضوعات هذه الدراسات : لغة الحيوان .. بجميع أجناسه وأنواعه ، وعن طريق التعرف إلى هذه اللغة يمكن التعرّف على معارف عالم الحيوان ، ونظرته إلى الكون ، وصراعه مع الطبيعة ، ووسائله التي بلغها فى التغلب عليها .. ولربما يقع للعلم فى هذه الدراسات ، من أسرار وعجائب ، ما لم يقع له إلى اليوم من أسرار وعجائب!.
وإنّ عجزا من الإنسان ، وقصورا فى علمه ، هو الذي وقف به على شاطىء هذا المحيط العظيم من عالم الحيوان ، فلم يعرف كيف يتفاهم مع الحيوانات ، ويترجم مشاعرها وإحساسها ، ويفسّر حركاتها وسكناتها .. وليس بغير العلم تنفتح مغالق هذه العوالم .. ويوم يبلغ الإنسان من العلم ما يستطيع به الالتحام مع عالم الحيوان والتفاهم معه ، يومئذ يكون الإنسان بحق هو سيد هذا العالم الأرضى ، وخليفة الله فيه ، وإلا فهو ليس بالسيد ولا بالخليفة ، إذ لا سيادة لمن لا يعرف كيف يخاطب المسودين له ، ولا خلافة لمن لا يحسن الفهم